"كان إنسانا بكل معنى الكلمة، محترما، لطيفا، صاحب دين وأخلاق، عاش حياته بين عمله وبيته، ولم يكن يوما صاحب مشاكل… لكن ذلك لم يشفع له عند النظام البائد".
هكذا تروي صفاء حسن عبدو زينو، ابنة الشهيد، قصّة والدها الذي وُلِد عام 1950 وعاش حياته في حي القابون بدمشق. كان رجلا بسيطا، متزوجا وأبا لثمانية أطفال، يعمل في الأعمال الحرة متنقلا بين مهن مختلفة ليؤمّن لقمة العيش لأسرته.
عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، كان حسن عبدو زينو في الستينيات من عمره، لم يكن قادرا على مجاراة الشباب في التظاهر، لكن قلبه كان معهم، مؤمنا بمطالبهم، متابعا لما يحدث حوله. لم يمنعه عمره من تأييد الحق، لكنه بقي ملتزما بحياته اليومية بين عمله وبيته.
في اليوم الذي اعتقل فيه، كان ذاهبا لإتمام معاملات جوازات سفر لزوجة ابنه وأطفالها، لكنّه لم يعد إلى المنزل بعدها. قيل للعائلة إنه اعتقل نتيجة "تشابه أسماء"، وإنه سيخرج قريبا، لكن الأيّام مرّت دون أي خبر عنه.
بعد البحث والسؤال، تبيّن أنه محتجز في فرع فلسطين، أحد أسوأ مراكز الاعتقال التابعة للنظام.
الخبر القاتل
ظلّت العائلة تأمل في عودته، حتى جاء الخبر القاتل: اسمه ظهر على قوائم المعتقلين الذين استشهدوا تحت التعذيب بعد بضعة أشهر من اعتقاله.
تقول صفاء لمنصة "ذاكرة القابون":
"كنا نبحث عنه ونسأل، لم يكن أحد يعطينا إجابة واضحة، إلى أن جاء اليوم الذي نشروا فيه اسمه على التنسيقية، وقالوا إنه استشهد تحت التعذيب خلال بضعة أشهر".
وبعد سنوات، حين نُشرت صور قيصر التي وثّقت جرائم التعذيب، وجدت العائلة صورته وتاريخ استشهاده، فتأكدوا من المصير الذي كانوا يخشونه.
لم يُسلَّم جسد الشهيد حسن عبدو زينو إلى عائلته، ولم يُعرف مكان دفنه حتى اليوم. بقيت ذكراه حيّة في قلوب أحبّته، ورحل كما رحل كثيرون من أبناء القابون، الذين آمنوا بالثورة، وبقيت قصته شاهدة على انتهاكات نظام الأسد.