في ربيع عمره، حيث تُزهر الأحلام وتُرسم الملامح الأولى للمستقبل، وُلد الشهيد أحمد عزات معروف المدني في عام 1999، ونشأ في بيئةٍ أحبّ فيها العلم كما أحبّ الوطن.
كان شاباً خلوقاً، طموحاً، يحمل في قلبه من النور ما يكفي ليضيء درب من حوله، ومن العزم ما جعله من المتفوقين في دراسته.
في عام 2017، وبينما كانت مدينته الحبيبة القابون تنزف ليلًا ونهارًا تحت قصف لا يهدأ، كان هو يخوض معركته الخاصة… معركة العلم.
كان طالب بكالوريا علمي، يُحضّر لمستقبله رغم الحرب، وبتفوقٍ يُشهد له. قدّم أول مادة من امتحاناته بثقة وأمل، ورجع ليستعد للثانية، مؤمناً أن الحياة لا تتوقف حتى تحت الرصاص.
شهيد القلم والدم
وفي صباح اليوم السادس من رمضان، وبعد تقديمه المادة الثانية، وبينما كان عائدًا إلى منزله، مرّ من عند مفرق سيرونكس، حيث اندلعت اشتباكات مفاجئة بين قوات النظام المخلوع التي كانت تنهب من بقايا الأحياء المنكوبة.
هناك، أصيب برصاصةٍ غادرة، رصاصة لا تفرّق بين مدني ومقاتل، بين حلم ودم.
سقط شهيدا… سقط وهو يحمل قلمه، ودفتره، وأمله. ارتقى ليكون أوّل من يُدفن في تربة القابون بعد أن أُغلقت لثماني سنوات كاملة. لم يُفتح هذا التراب الطاهر إلا له… وكأن الأرض اشتاقت لمن يستحق أن يُروى بدمه.
رحل ولم يودّع أحدًا… لكنه ترك بصمة، ترك أثراً، وترك قلبًا في كل من عرفه. نحسبه شهيدًا ولا نزكي على الله أحدًا. رحمك الله يا شهيد العلم والحلم، وجمعنا بك في جنات النعيم، حيث لا قصف ولا ألم، بل سلامٌ وسكينة.