عبد العزيز جنيد، صف ضابط من أبناء سوريا، خدم في جيش النظام السوري، لكنه كان منذ البداية يأنف الظلم، ويضيق قلبه بما يرى من قمع وقتل ممنهج ضد أهله وشعبه. فما كان منه إلا أن قرر في عام 2012 أن ينشق عن النظام، ليلتحق بركب الثورة، دفاعًا عن بلده وأرضه، ونصرةً للمظلومين.
ومنذ لحظة انضمامه للثورة، كان عبد العزيز في مقدمة الصفوف، مجاهدًا صادقًا لا يخشى في الله لومة لائم، خاض معارك عديدة في الغوطة الشرقية، سطّر فيها مع رفاقه أروع المواقف في الثبات والتضحية.
ثم عاد إلى حيّه في القابون، وأسس كتيبة أطلق عليها اسم الأشاوس، وكان هو قائدها المعروف بـ"أبو فارس الأشاوس".
اتخذت الكتيبة موقعًا خلف جامع الحسن، وهو موقع استراتيجي كان له الدور الأبرز في معارك القابون، إذ كان حاجزًا صامدًا أمام محاولات النظام المستمرة لاختراق الحي.
حاول النظام السوري، عبر عشرات المعارك، السيطرة على نقطة الأشاوس، لكنّه فشل مرارًا، فاستعمل كل ما في جعبته من قوة عسكرية، حتى لجأ إلى القصف بصواريخ "الفيل" وصواريخ الأرض-أرض، فدمّر المنطقة بالكامل، عجزًا عن اقتحامها في المواجهة.
ورغم ذلك، ظل عبد العزيز ورفاقه ثابتين، مرابطين، يُدافعون عن أرضهم وأهلهم حتى أثناء الهدن التي كانت تُعلن وتُخرق.
دخل لإصلاح ذات البين، فكتب الله له أجر الشهيد
وبعد سنتين من المعارك، وبينما كان عائدًا من رباطه في أحد أيام الهدنة، وجد أمامه فتنة بين مجموعتان من المجاهدين اختلفوا، واشتد الخصام بينهم حتى رفعوا السلاح في وجوه بعضهم البعض.
فما كان من عبد العزيز إلا أن اندفع ليصلح بينهم، غير آبه بالخطر، وقال لهم: "وحدوا الله... أنتم مجاهدون تسبّون بعضكم وتُشهرون السلاح في وجوه بعض، فما الذي تركتموه للنظام؟"
وبالفعل أصلح بينهم، لكنه لم يكن يعلم أن قدره قد كُتب في تلك اللحظة.
فما إن هدأت النفوس، حتى باغتتهم مجموعة أخرى، جاءت من جهة حارة الرناكسة، وفتحت نيران رشاشاتها على المكان، فأُصيب عبد العزيز بـ 12 طلقة، وسقط معه شابان آخران. ارتقى عبد العزيز إلى ربه شهيدًا.
لقد دخل لإصلاح ذات البين، فكتب الله له أجر الشهيد، وهو أبٌ لطفل لم يُكمل يومها حينها سوى 21 يوما، اسمه فارس، الذي لم يحظَ حتى بحضن أبيه إلا أيامًا معدودات.