وُلد زاهر محمد شحادة الحموي في دمشق عام 1986، وترعرع في حي القابون الدمشقي بين أبوين أحبّا الخير وربّياه على الشجاعة والصلاح. كان زاهر شابًا طيب القلب، يحمل بين جنباته حبًا للناس وعزيمةً على فعل الخير، يحلم بوطنٍ تسوده الحرية والكرامة، ولم يكن يخشى دفع الثمن من أجل ذلك.
عندما اندلعت الثورة السورية، كان زاهر من أوائل من رفعوا الصوت عاليًا مطالبين بالحرية، ولم يتأخر عن الانضمام للحراك الشعبي، مؤمنًا أن هذا الوطن يستحق التضحيات. لم يمضِ وقت طويل حتى طالته يد القمع، فكان من أوائل المعتقلين في حي القابون. ثلاثة أشهر قضاها في ظلمات سجون الطاغية، ذاق خلالها أشد أنواع التعذيب، لكنه خرج متمسكًا بحلمه، لم تكسر السجون إرادته ولم توهن العذابات عزيمته.
رحيل زاهر
بعد شهرين من خروجه من المعتقل، حلّ شهر رمضان المبارك، وفي يومه الثامن، قرر زاهر أن يفطر مع أهل زوجته، راغبًا في قضاء وقتٍ مع العائلة في هذا الشهر الفضيل. لكن يد الغدر كانت أسرع، فبينما كان المؤذنون يرفعون نداء المغرب في جوامع القابون، كانت رصاصات الحقد تسبق اللقمة إلى فمه، لتخطفه شهيدًا في 17 آب 2012.
رحل زاهر وترك وراءه طفلين، أحدهما لم يكن قد بلغ من العمر سوى شهرين، والآخر لم يتجاوز العامين. رحل وترك قلبًا نابضًا بحب الحياة، وأملًا كان يطمح أن يحققه. كان يمكن أن يكون اليوم بيننا، يروي لأطفاله عن نضاله وحبه للحرية، لكن القاتل أبى إلا أن يُتمّ اليُتم في عيونهم.
رحم الله زاهر الحموي، وجعل دماءه ودماء الشهداء نورًا ينير درب الأحرار.