العودة الى صفحة قصص الشهداء

الشهيد عماد دعدوش: ثائرٌ حتى الشهادة

الشهيد عماد دعدوش: ثائرٌ حتى الشهادة

في حي القابون الدمشقي، حيث كانت الثورة تولد من حناجر الشباب، خرج عماد دعدوش يهتف مطالبا بالحرية، مشاركا في المظاهرات الأولى، مؤمنًا أن وطنه يستحق حياةً كريمة. لم يكن يخشى الاعتقال ولا الرصاص، كان يرى أن الثورة قدر جيله، وأنه لا خيار سوى المضيّ فيها حتى النهاية.

من الهتاف إلى الدفاع

لكن المظاهرات السلمية لم تكن كافية في وجه القمع، ومع تصاعد العنف واقتحامات النظام للحي، كان لا بد من الدفاع عن النفس. لم يكن عماد مقاتلًا محترفًا، لكنه حمل السلاح كما فعل كثيرون من أبناء القابون، دفاعًا عن بيوتهم وأهلهم. لم يكن يبحث عن مجد أو منصب، بل كان همه أن يحمي ما تبقى من الحي، وأن يمنع التهجير القسري الذي كان يهددهم.

آخر مكالمة... آخر الأمل

في الليلة الأخيرة من حياته، كان على اتصال مع أخته، التي كانت في لبنان. لم يكن يتحدث عن الحرب ولا عن الخطر الذي يحيط به، بل كان يسألها عن ابنتها الصغيرة، يطلب منها أن تبعث له تسجيلًا صوتيًا تقول فيه: "يا خالو"، فقد كان متعلقًا بها بشكل خاص، وكأنه كان يبحث عن لحظة دفء في وسط المعركة.

لكن المكالمة التي ملأها الحنين انتهت بسرعة، ليأتيها الخبر في صباح اليوم التالي: "استشهد عماد".

لم تكن مجرد خسارة لشقيق، بل كان آخر سند لها، فبعد وفاة والديهما، لم يبقَ في هذه الدنيا إلا هما، يتكئان على بعض، يواجهان الحياة معًا. لكن عماد رحل، وتركها وحدها، تواجه هذا الفقد دون من يسندها.

المعركة الأخيرة

في صباح 21 فبراير 2017، اندلعت معركة العارضية، واحدة من أشد المواجهات التي خاضها أبناء القابون. كان النظام يشن هجومًا عنيفًا للسيطرة على ما تبقى من الحي، مستخدمًا القصف العشوائي والاشتباكات المباشرة. كان عماد هناك، في مقدمة المواجهة، يقاتل كما اعتاد، لا يهاب الموت، بل يتحداه.

وسط النيران الكثيفة، أصيب إصابة بالغة. لم يسقط فورًا، ظل يحاول المقاومة حتى اللحظة الأخيرة، لكن النزيف كان أسرع. هناك، في قلب المعركة، ارتقى شهيدًا، تاركًا وراءه أرضًا أحبها، وحيًا ظل يقاتل من أجله حتى آخر لحظة.

لم يتزوج انتظارًا للحرية

كان بإمكانه أن يبدأ حياة جديدة، أن يتزوج ويكوّن عائلة، لكنه كان يقول دائمًا: "ما بدي جيب ولاد واتركهم لحالهم". كان يخشى أن يستشهد ويترك أبناءه أيتامًا كما حدث معه وأخته. لم يكن يريد لعائلته الصغيرة أن تعاني كما عانى، فاختار أن يؤجل حلمه الشخصي، ليبقى في معركة كان يعرف أنها قد تنتهي بموته.

ذاكرة لا تموت

مرت السنوات، لكن اسم عماد دعدوش لم يُمحَ من ذاكرة القابون. لا تزال سيرته تُروى، لا تزال قصته حيّة بين من عرفوه ومن سمعوا عنه. كان شابًا بسيطًا، لكنه أصبح رمزًا لمن اختاروا طريق النضال حتى النهاية.

قصص ذات صلة

الشهيد الذي وهب نفسه لوطنه – بشار أحمد الطواشي
قصص شهداء القابون

الشهيد الذي وهب نفسه لوطنه – بشار أحمد الطواشي

اقرأ المزيد
زاهر الحموي.. شهيد الحرية
قصص شهداء القابون

زاهر الحموي.. شهيد الحرية

اقرأ المزيد
زكريا آبيل.. شهيد العذاب والصبر
قصص شهداء القابون

زكريا آبيل.. شهيد العذاب والصبر

اقرأ المزيد